رنيم الحب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رنيم الحب

نلتقي لنرتقي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 استعادة الموروث السّردي الأدبي في القصّة العَربيّة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المبرمج يوسف
مشرف عام
مشرف عام



المساهمات : 16
تاريخ التسجيل : 15/03/2011
العمر : 30
الموقع : vipj.wwooww.net

استعادة الموروث السّردي الأدبي في القصّة العَربيّة  Empty
مُساهمةموضوع: استعادة الموروث السّردي الأدبي في القصّة العَربيّة    استعادة الموروث السّردي الأدبي في القصّة العَربيّة  Icon_minitime1الأربعاء يوليو 06, 2011 12:32 pm

استعادة الموروث السّردي الأدبي في القصّة العَربيّة



استعادة الموروث السّردي الأدبي في القصّة العَربيّة

أدرك القاص العربي الحديث مبكراً معنى اتصاله بتراثه، ولو كان هذا الإدراك غائماً وشائه الملامح لأسباب تتعلق بطبيعة النظرة إلى التراث القصصي أو السردي على وجه الخصوص، وقد كرس الغرب هذه النظرة في أبحاث المستشرقين إلى وقت قريب، ومفادها خلو التراث العربي من فن القصة، أو الرواية بالتراث القصصي العربي القديم، ولكن عمليات وعي الذات، والنزوع إلى الاستقلال الفكري، والانشغال بالهوية القومية للأدب العربي أثار المسألة برمتها، وجعلها هاجساً ما لبث أن صار إلى تطلع لأوسع كتاب القصة.‏

نظر القاص العربي الحديث في المرحلة الأولى إلى التراث نظرة اصطفائية، كان يختار شكلاً تراثياً بعينه ثم يزاوج بينه وبين الأشكال القصصية الوافدة، فكان استخدامه الواسع للمقامة أو الليلة أو الحكاية أو الخبر، ثم مالبث في مرحلة تالية أن أعاد موروثات سردية أو موضوعية بعينها في مرحلة تالية كالاخبار عن الحدث، أو العناية بالشخصية، أو لغة الحكاية الشعبية، أو الاستفادة من الثراء الحكائي القديم ضمن الفنون القصصية التي ساروا عليها، ومن الأمثلة البارزة لذلك أعمال محمود المسعدي في "حدث أبو هريرة قال"، وعبد السلام العجيلي في "عيادة الريف"(1).‏

وكان دأب القاص العربي الحديث فيما بعد الحرب العالمية الثانية مساءلة للعلاقة بالغرب، فكانت البداءة مع إعادة التراث: موروث قصصي من موروثاته، عنصر من عناصر الخطاب القصصي التراثي، وإعادة هذا الموروث أو العنصر كلياً كما فعل العجيلي في "المقامات"(1963)، أو جزئياً، وهو مافعله حسيب كيالي منذ مجموعته الأولى "مع الناس" (1952)، إلى مجموعته الأخيرة "المطارد" (1981)، وخصوصاً مجموعته، "تلك الأيام"(1977)، فقد حول القصة إلى حكاية قابلة للاسترسال والاستطراد بفعل التراكم في السرد وتعدد وحدات التحضير، حتى أن المرء يعجب لاحتماله على هذا الوصف لذاته في التقاط تفاصيل زائدة أو إضافية في مجرى السرد مما يدعو إلى اعتبار القصة ذاكرة لغوية نشيطة تستعين على غاياتها بالإفراط في أسلوب الحكاية مع شيء من الفكاهة والتجربة الشخصية. لقد عول، وهو مثال، كثيراً على مفهوم الحكواتي في القص(2).‏

وفي بداءة هذه المرحلة، كان شغل بعض القصاصين العرب الحديثين موجهاً إلى التوفيق بين استمداد الحداثة (الغرب) واستمداد التقاليد (التراث)، أما الغالبية فكانت تمتح من معين الحداثة على أنها إثبات للتفوق الفني، وتوكيد للحضور الإبداعي، وقد أطال أمد هذه الفترة إلى أواخر الستينات، ما أخذه الصراع الفني من لبوس إيديولوجي انحرف في مطلع الستينات من صراع الأفكار إلى صراع الأجيال حيث سيقوم بالانعطافة من إعادة التراث إلى استعادة نفر من الكتاب الجدد الذين نقلوا الحداثة وتوظيف إنجازات الغرب القصصية من مجرد التجريب إلى وعي الصيرورة لتحقق الأصالة الثقافية وتكون الأجناس الأدبية الحديثة ضمن عملية تطور القصة العربية الحديثة في سياقها التاريخي والمعرفي والإبداعي والنضالي، لأن تأصيل القصة العربية الحديثة مهمة نضالية للمبدعين العرب ومواجهة لتحديات الحداثة في الوقت نفسه. ولاشك أن تداعي الحلم العربي في استمرار أهداف التوحيد العربي وفشل النظام العربي في استكمال مقومات التقدم والعصرنة، وهزيمة حزيران 1967، وضعت المبدعين العرب أمام تحول تاريخي شرع المثقفون العرب، ومنهم الأدباء، إزاءه في نقد ذاتي قاس لليقظة القومية، وللمشروع المستقبلي العربي، ومن ضمن ذلك، مواجهة الغزو الثقافي الامبريالي الأميركي الصهيوني، باعتبارهما أخطر من عدوين يهددان الوجود العربي والمشروع العربي برمته. وهكذا، فيما بعد 1967، اصبح موضوع هذا الغزو الشغل الشاغل للثقافة العربية، وفي ظلاله، وفي تفصيلاته، تلك العلاقة الجائرة والظالمة بالغرب عموماً.‏

وقد تمثلت النقلة على مستوى القصة العربية باستمداد الحداثة والتقاليد معاً، وهو الاتجاه الغالب على حاضر القصة العربية. لم يكتف القاص، في ظل تأزم المشروع العربي وازدياد شراسة الغرب، ولاسيما الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل، بالإبداع بعيداً عن شجون الهوية، بل وجد الإبداع سبيلاً من سبل الهوية وتشكل استعادة التراث في عملية التحديث علاقة جديدة في التركيب المنشود للقصة العربية الحديثة، ويختتم بها القاص التجريب المماطل والمراوغ من أجل حداثة هي الأصالة توظف إنجازات الغرب القصصية في سيرورة التقاليد الأدبية المتوارثة.‏

لا نجد في حاضر القصة محاكاة خالصة للتراث على الرغم من وقوعنا على إنتاج قصصي كثير يحاكي الغرب باسم الحداثة أو استمرار التجريب أو لوعة القصة الجديدة. إن استعادة التراث لا محاكاته هي السائدة اليوم، وتغني التعبير القصصي الحديث بالتراث ليصبح بعد ذلك التراث عامل تطور وتجدد يدعم الروافد الإنسانية الكثيرة التي تسقي الإبداع العربي الحديث.‏

لقد تغيرت النظرة للغرب كلياً، مثلما تغير التعامل مع التراث. لم يعد الغرب شيئاً مختلفاً عسير المنال، ينبغي تقليده فحسب للحاق بركاب التقدم والتحضر والعصرنة، بل صار إلى مؤثر من المؤثرات في التجربة الإبداعية القصصية، ولعل هذا ما جعل قصص أمريكا اللاتينية والشرق الأقصى كاليابان والصين تستحوذ على اهتمام كُتاب القصة العربية في عقدي السبعينات والثمانينات، ليغدو التفاعل الإنساني من موقع الجدارة والاستحقاق هو المؤثر أو الموجب للتأثر.‏

لقد كان ثمة اهتمام بهذه الآداب قبل هذين العقدين، ولكن الإحساس بالهوية وتأصيل الجذور الذاتية والاعتراف بتطور الأدب القومي عجل بالتعرف المعمق على هذه الآداب وتعريبها والاستفادة من تقنياتها ومأثرة تجديدها من خلال التقاليد والمخزون الثقافي الهائل الذي يشكل معيناً لا ينضب من الأساطير والأشعار والحكايات والأمثال والفنون القومية الأخرى.‏

والمأثرة الثانية لقصص اليابان وأمريكا اللاتينية هي اتصال خطابها القصصي بتطور مجتمعاتها، والحرص على المحلية منطلقاً للعالمية.‏

ولعل استعراضنا لحركة التعريب من هذه القصص وتقديمها يكشف عن هذه المعاني كلها.‏

هل تراجعت المركزية الأوروبية في هذه الوضعية؟.. وهل أصبحنا متساوين في العلاقة؟...‏

الجواب عن السؤالين مازال بعيد الرجاء، لأن أسئلة التبعية والاستعلاء الثقافي ما زالت قائمة وحادة. والمهم الآن، هو موقف القاص العربي كما يعكسه إنتاجه ووعيه الثقافي، ومن الواضح، اليوم أن القاص العربي الحديث يصوغ تجربته الخاصة، ربما في مواجهة التبعية والاستعلاء الثقافي أساساً، وهي تجربة معاصرة تستعيد أزهى معطيات التراث القصصي وتنطلق منها إلى صيرورة القصة العربية في حركتها التاريخية والمجتمعة؛ وفي بناء كينونتها الخاصة، وتلامح هويتها إزاء المؤثرات المختلفة، من أقصى الشرق كاليابان إلى أقصى الجنوب كأمريكا اللاتينية، إلى أقصى الشمال، من الأدب السوفييتي حيث آداب شعوب لم تكن تذكر قبل خمسين عاماً، بفضل التفاعل الأدبي الواسع الذي شهده العقدان الأخيران.‏

*في استعادة التراث:‏

تخلى القاص العربي الحديث في المرحلة الراهنة عن أوهام إعادة الأشكال القصصية القديمة برمتها أو التوفيق بينها وبين الأشكال الحديثة التي صاغها الغرب في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ولكنه بعد رحلة من الزمن، وجد أن التطوير يعني خلق تركيب قصصي خاص يستوعب التجربة الذاتية العربية في ظرفها التاريخي والاجتماعي، وهو ما سماه قاص هو حميدو خان "بالمغامرة المعقدة"، فقد كتب رواية عن المسيرة الطويلة المتعثرة عن الفتى المسلم الذي يمر من مدرسة القرآن إلى الحياة الحديثة، بوصفها نتاج الحضارة الغربية، وهو ما فعله قصاصون عرب كثر أمثال طه حسين وتوفيق الحكيم والطاهر بن جلون وإدريس الشرايبي، ونجد بحث هذه الروايات موضوع كتب نقدية كثيرة، من أبرزها كتاب محمد كامل الخطيب الذي سماه "المغامرة المعقدة"، حاول فيه أن يقدم تفسيراً لاستيعاب الحضارة الحديثة من خلال استيعاب الرواية التي أنتجها الغرب(5).‏

ولكن مناقشتنا لتطور القصة العربية الحديثة، ومنها الرواية العربية، بينت أن المسألة لم تكن استيعاب جنس أدبي غربي وتمثله، بالقدر الذي كانت فيه وعياً للذات والآخر معاً.‏

كان اكتشاف السرد هو نقطة التحول في العلاقة بالغرب. رأى القاص الحديث أن القصة ليست وصفة محددة، وليست شكلاً واحداً، وهو ما ظهر في تجارب غربية تخلت عن الرؤية التقليدية والتقنيات التقليدية لتخوض تجاربها الطليعية، الانتباه للتداخل الحاصل بين المثاقف والمثاقفة المعكوسة الذي بلغ أشده في حوار الثقافات والحضارات منذ الستينات على نحو واسع ومعمق. ومن المؤسي، أن حوار الثقافات مازال حتى اليوم حوار دول، ويثبت ذلك واقع منظمة اليونسكو في الثمانينات من هذا القرن، فقد صارت إلى ساحة للصراع السياسي، بينما كانت منذ تأسيسها، وهذا ما ينبغي أن يكون، جهازاً للمعونة الفنية، وملتقى للحوار بين الثقافات والحضارات.‏

إن اليونسكو، بداهة، إطار النظام العالمي في مجالات تخصصها وهي التربية والثقافة والعلوم والإعلام، وقد كرست اليونسكو، في سعيها الدؤوب حتى مطلع السبعينات حقائق أساسية في توكيد الوحدة الثقافية والحضارية العربية، وتبنت أفكاراً على جانب كبير من الأهمية مثل: "حوار الثقافات والحضارات"، و"التراث الثقافي للإنسانية"، و"النظام الإعلامي العالمي الجديد"... الخ.... مما يشكل ملامح أيديولوجية عالمية متكاملة ينتفي فيها الاستعلاء والمكابرة والنهب الاستعماري، على أن تحويل هذه المنظمة إلى ساحة للصراع السياسي يكاد يعطل هذه المنظمة عن أداء دورها، ويديم أزمتها، ويعزز نزعة الاستعلاء الاستعماري الغربي للعرب، ويشيع ظواهر الاختلاط في تقدير ثقافات العالم الثالث.‏

لقد ضرب هذا التداخل جذوره منذ نشوء الاستعمار وسرقة فنون العالم الثالث وثقافاته، وتسليط المعرفة الاستشراقية بوصفها سلطاناً معرفياً على مبدعاته وكينونته الوجودية والحضارية.‏

وهكذا، أعاد القصصي العربي الحديث، رؤيته للغرب خلال هذا التداخل الحاصل بين المثاقفة والمثاقفة المعكوسة، ومن ظواهر الوعي فضح التلفيق من أجل السيادة الثقافية، وتحليل المعطى العربي في تطور القصة الغربية في الوقت ذاته. وقد خصت باحثة عربية، هي رنا قباني، كتاباً بالإنجليزية لفضح هذا التلفيق، وهو كتابها "أساطير أوربا عن الشرق"، وحمل عنواناً آخر هو "لفق تسد"، وتؤكد الباحثة أنها كتبت دراستها "للقارئ الغربي لتكون إسهاماً في تقويض الصورة التي أرسختها في أعماق منذ القرون الوسطى كتابات الرحالة والمغامرين الأوروبيين عن الشرق والعرب والإسلام، فهؤلاء الرحالة، وبخاصة من دعموا رؤى عصر الامبريالية، اكتسبوا في بلادهم أبعاداً أسطورية جعلت أي محاولة في الغرب لتكذيب رواياتهم عن الشرق وأهل الشرق إثماً كبيراً وخيانة وطنية".‏

والمؤسي في أساس التلفيق، أن صياغة العداوة، انطلقت من عملية اختلاق شرق خيالي: شرق الأساطير ذات التأثير المستمر، وفي مقدمتها ألف ليلة وليلة، وذلك الكتاب الذي قام، وما يزال، بدور المثاقفة المعكوسة، إذ تأثيره على القصص العالمي، أينما كان، ليس موضع شك، ومن المؤسي أيضاً، أن نعترف مع رنا قباني، أن إقامة حوار بين الشرق والغرب متحرر من رواسب الإرث الاستعماري تحتاج إلى بذل جهد حقيقي لإعادة النظر في التصورات الموروثة ونبذ الكثير منها باعتبار هذه التصورات ما تزال ممعنة في البقاء، وفي خلق الأذى، ولاسيما أن حقنها بالحياة لا ينفك يتجدد باستمرار، فهذه التصورات القديمة والمتجددة إنما تحول دون أن نتطلع إلى ما وراءها فنرى ما يجمعنا من روابط إنسانية مشتركة.‏

ولا شك، أنها حالة عالمية، الإقرار بفقدان الحوار، والإقرار بضرورة قيامه على الرغم من كل شيء. لنتذكر ماقاله ماركيز في خطابه حين تسلم جائزة نوبل للآداب عام 1982: "من الطبيعي أن يمعنوا في قياسنا بالمعايير ذاتها التي يقيسون بها أنفسهم... ولكن عندما نصور وفق نماذج لا تمت إلينا بصلة، فإن ذلك لن يخدم إلا غاية واحدة: هي أن نغدو مجهولين أكثر، وأقل حرية وأشد عزلة".(7).‏

لم تعد محاكاة الغرب هي الهاجس، ولم تعد إعادة الأشكال القصصية القديمة أو توفيقها مع الأشكال الوافدة هي الهاجس. إن الهاجس هو التركيب القصصي الجديد. وبين 152 مرجعاً لدراسة الفكر العربي الحاضر، ومحاولات تحديث الأدب العربي، ربما كانت هي الأهم بين مثيلاتها، يظهر بجلاء القلق الفكري العنيف الذي يهز وجدان المثقف العربي إزاء قضايا التأصيل: كيف نخلق التركيب الحديد، أو هو التأمل العملي الذي أطلقه صادق جلال العظم، ثم تبناه آخرون: العالم القديم يمثل "الأطروحة"، واقتحام الغرب يمثل "النقيض"، فيما "التركيب" يمثل علماً جديداً عربياً أوربياً، وهكذا(.‏

اكتشف السرد في خضم الموقف من التجريب، فقد نفى كثيرون اختلاط الحداثة بالتجريب، بينما وجد بعضهم في التجريب أفقاً للحداثة. حذر محمد صالح الجابري من غلبة الشكل في القصة العربية، "فالقصة تكاد تفقد المضمون في سبيل الشكل"، واستغرب محمد زفزاف ذلك الولع الزائد بالأسلوب "يقصد الشكل"، والشيء الذي يقرب القصة من المقالة. إنهم يهتمون بالجملة عوض أن يهتموا بالنص القصصي ككل. الكاتب المشرقي تغريه اللغة.‏

أما محمود شقير، فهو يرى: "أن نوعية التجريب قد طغت على إنتاج بعض الكتاب العرب، إما لأن الشكل القديم السائد في القصة القصيرة لم يعد قادراً على احتمال المضامين الجديدة التي تطرحها الحياة وإما لأن بعض الكتّاب أنفسهم يرغبون في التجديد". ويريد شقير تجريباً مشروطاً: أن يرتكز على أسس موضوعية وسليمة وصحيحة، مما يكشف عن جرأة القصة العربية في اقتحام الحدود المتعارف عليها. ومن ناحية أخرى. دافع آخرون عن التجريب باعتباره فضيلة حداثية بحد ذاته. قال عادل أبو شنب: "الكتابة تجريب دائم".‏

وقال أحمد إبراهيم الفقيه: "إنها القصة المغامرة، الشوق المدمر لمعرفة السر، واستكشاف المجهول، القصة التي هي ليست قصة".(9).‏

لقد رأى عبد الرحمن منيف أن التجريب ومحاولات تجديد السرد قادت كثيراً من القصاصين إلى الغربية، إن صح التعبير، غربية بأجوائها وناسها وموضوعاتها، وكأنها موجهة للغرب أيضاً. وإذا كان الغرب قد أثنى على براعتها فقد اعتبرها صدى له، وامتداداً لروايته، وبالتالي، لا تشكل إضافة أو اختلافاً. وفي مواجهة هذه الموجة، وربما كرد فعل، خاصة في السنين الأخيرة، ومن خلال تزايد الحديث عن التراث، وإمكانية الاستفادة منه استغلاله، فقد ظهرت مجموعة من الروايات التي استعارت عصوراً مظلمة وكتابات من نمط معين لتعيد إحياءها واستخدامها، (يقصد محاولات جمال الغيطاني).‏

ضمن هذا التوجه أو ذلك، هناك محاولات عديدة ومستمرة، ومنذ فترة ليست قصيرة، من أجل الوصول إلى صيغة رواية جديدة".(10).‏

لقد ارتبط البحث عن صيغة جديدة للقصة العربية الحديثة بمفهوم السرد وتطبيقاته على أنه تجريب سيضفي إلى التحديث، ولو كان عن طريق استعادة التراث، كما أشار ـ منيف ـ في مواجهة الغرب وتقنياته وسرده.‏

ثم تحول الموقف من التجريب، إلى موقف من التاريخ من أجل وعي أشد للذات والآخر، لأن الحداثة ليست تطلعاً خارجاً عن الذات. لذلك حذر كتاب الحداثة من الوقوع في وهدة تلك العلاقة الملتبسة بين المسؤولية ـ "مبالغة التاريخ"، والتماهي ـ "ورم الذات". ومن هذا المنطلق كانت إشارة الياس الديري:‏

"نحن العالم العربي، نعيش أزمتين: أزمة التخلف وأزمة القمع. الكاتب مقموع والقارئ مقموع وكلاهما يعاني من تخمة مزمنة في التخلف والكبت والاضطهاد حتى محق الشخصية وإلغاء أي تطلع أو تميز".‏

ثم يخلص إلى منتهى الفجيعة:"حتى ليكاد الواحد منا يخسر الحلم ويتجرد من الخيال".‏

يطالب الديري بوعي العلاقة بين التاريخ والذات سبيلاً للحداثة:‏

"والشكال القائم بيننا، ومنذ أمد، هو الخلط بين التقليد المجاني والتجربة الشخصية أي بين نصين روائيين، أحدهما يحلل ويفسر ويعلم، ومن ثم يضع البشارات والأسئلة والعذابات، وآخر حر يكشف متجاوزاً التفسير، ويفجر متجاوزاً التبشير إلى النقض وصولاً إلى الثوابت والجذور. بهذا المعنى، فإن الرواية العربية ما زالت مرتبكة وعاجزة عن القول: "أنا هنا" كما جاء في النص الأول".‏

إن الحداثة: "هي السعي إلى التجربة المتخطية كونها ترغب في أن تكون حركة مغايرة ومناقضة لكل الحركات الأخرى، ملتقطة حساسية الأشياء في عمقها وأبعادها، والتعبير عنها وصياغتها عبر الأسلوب والشكل".‏

ويتابع نبيل سليمان، على طريقته، تنقية أوهام الحداثة بين التاريخ والذات، ويكشف جوانب أخرى، أهمها مصطلح الحداثة:"لم يستقر بعد تماماً"، وأن حداثتنا تقليدية، ويقول: "رواية حديثة، تقليدية الرواية الحديثة:تلك هي المعالم البارزة في واقع الرواية العربية اليوم، وفي الصميم، من ذلك تبرز الهوية الواقعية لجلّ الإنتاج الروائي العربي في السنوات الأخيرة".‏

ويرد ذلك أساساً إلى هيمنة المحرمات التي تمنع الأديب العربي من ارتياد أرض الحداثة والواقع معاً، فالحداثة هي أيضاً صلة أوثق بالواقع.‏

يعطي رأي نبيل سليمان فكرة أوسع عن مخاطر تعريف الحداثة بمصطلح آخر، مما يستجيب لأهمية الحد من نزوع الحداثيين إلى تعريف الحداثة كمجرد فكرة، لقد أشارت أطروحات بعض الحداثيين المبكرة إلى معنى ارتهان الحداثة داخل منظومتها الثقافية، وإلى تجلي الحداثة في ممارستها أخيراً، فلا يمكن حقاً، تعريف الحداثة، كفكرة: "أو للتعمق أكثر كأفق لآفاق تكشف عن نفسها تدريجياً".‏

إنه استنتاج لابد منه، لا تكون حداثة إلا في تجربتها وفي ممارستها وفي ثقافتها. يقول الطاهر وطار:"لقد صار التجريب في الرواية تجريباً ذاتياً نابعاً من صميم شخصيتنا، وهذا طبعاً جيد، ولصالح الرواية والروائيين".‏

وبفضل هذا الفهم للحداثة، يصير للممارسة نفسها تجلياتها الحداثية الخاصة: "إن التكنيك الروائي يصبح بعد الممارسة نوعاً من السحر يتقنه الكاتب".‏

وعلى هذا الأساس، نستطيع أن نفهم دعوة مبارك ربيع لربط الرواية "ببيئتها، ومجتمعها العربي". وعلى هذا الأساس أيضاً، نستطيع أن نفهم شجن عبد النبي حجازي، عندما تصبح الرواية هي فعالية الذات بالدرجة الأولى:‏

"إنها تستنفد تفكيري، أحلامي الشخصية... آمالي، تستنفد كل شيء، ولا تقدم لي إلا مردوداً مادياً لو وزعته على الأيام لما زاد عن فنجان قهوة، لولا إحساسي أنني أسقط عليها فعاليتي الاجتماعية، وخيبتي بالقياس إلى المواطنين الآخرين من أمثالي لكان عليّ أن أحاول بيع الفجل، كتابة الرواية تعني أن يقدم الروائي ذاته قرباناً بلا مقابل، إلا ما يغبط به نفسه، ويريح ضميره".‏

تفيد الشهادات السابقة جميعها أن الحداثة ـ كما يفهمها الأديب العربي ـ عقلنة للوعي من أجل فاعلية أقوى للذات ـ وضد الذات ـ وضد جموح الذات، ومن أجل تأصيل الذات. إن الحداثة "بعد مفهومي" وليس "بعداً زمنياً"، لأنها وعي الكتابة لأسلوبها ووظيفتها في التاريخ، اتفاقاً مع أكثر التعبيرات الحضارية(11).‏

مارس كُتاب القصة العربية الحديثة نصهم الأدبي وأعينهم على إنجاز الغرب التقني، ولكنهم لم يغفلوا عن معطى التراث القصصي، فمر التأصيل ـ التحديث نحو اكتشاف السرد بمرحلتين:‏

ـ تغليب الأشكال القصصية التراثية على التجربة القصصية كرد فعل لهيمنة الغرب، وذكرنا أمثلة كثيرة لذلك.‏

ثم أصبح شاغل الأجيال الجديدة من كتاب القصة الذين طلعوا بقوة في أواخر الستينات حتى صاروا إلى تيارات غالبة على الكتابة القصصية والروائية العربية في العقدين الأخيرين.‏

ـ النظر إلى القصة على أنها فن يتكون في أجناس وأشكال، والمعول في ذلك هو السرد، وأن هناك سرداً عربياً ما يزال يحتفظ بإمكاناته الثرة والهائلة في تحديث القصة العربية، وانطلق هذا النظر من العناية بإبراز الأشكال القصصية التراثية في التجربة القصصية إلى اكتشاف قوانين السرد نفسها، فإذا كان "الخبر" أو "الحكاية"، أو "السيرة الشطارية"، أو "الكتاب القصصي"، أشكالاً قصصية قابلة للاستعمال كلياً أو جزئياً، ابتساراً أو تكييفاً، فإن هذه الأشكال تقوم على السرد، وإن المعول في بناء القصة، أي قصة، هو تقنيات السرد.‏

في ندوة مكناس حول القصة (1983)، أثار نقاد التأصيل ـ التحديث الأسئلة كلها، فدعا عبد الفتاح كيليطو إلى "القيام بعملين متكاملين":‏

1 ـ دراسة السرد الكلاسيكي من أجل الإحاطة بأشكاله وعناصره. هذه الدراسة لا ينبغي أن تهتم بالسرد الأدبي وإنما بجميع أنواع السرد.‏

2 ـ الاستفادة من "التراث" السردي من أجل إبداع أنواع سردية جديدة، أن يطعم بالأساليب الكلاسيكية. ومعنى هذا أن الروائي يجب أن يكون عالماً وأن يلم بكل الأساليب السردية بحيث يجيد التصرف فيها ويعرف كيف يسخرها لأغراضه، وهذا يتطلب جهوداً جبارة وتأنياً في الكتابة ووعياً عميقاً بأنه ليس هناك أسلوب بريء"(12).‏

وغني عن القول، إن ألوان القصص، كلها، قديمها وحديثها، تستند، فيما تستند إليه إلى السرد.‏

السرد هو تنظيم الحوافز وضبط التوتر الفني، وتحديد المنظور السردي أو وجهة النظر، وهذا ما يستلزمه كل نثر قصصي ليكون قصاً، ويدخل في الأنساق الحكائية، والسرد بعد ذلك كله هو صلب تركيب القصة وأساس بقائها، ودراسة الصياغة هي التي توضح كيفية أنظمة السرد، فقد يجعل القاص من نفسه الحكائي الموزع على مجموعة وحدات قصة أو مجموعة قصص أو صور قصصية أو مقالة قصصية أو رواية. وبهذا المعنى يمكننا أن ننظر إلى "حكايات حارتنا"، لنجيب محفوظ على أنها رواية أو مجموعة قصص أو صور قصصية(13).‏

وفي السبعينات والثمانينات، استعاد كُتاب القصة السرد العربي في تجربتهم الحداثية، ووسعوا هذه الاستعادة، لتشمل أنواعاً كثيرة من السرد، نوجزها فيما يلي:‏

*الموروث السردي الأدبي:‏

في سياق اكتشاف القصة للسرد العربي، وفي سياق التنظير المحموم للأجناس الأدبية، جاوزت القصة العربية الحديثة أشكال السرد المباشرة والصريحة لتستعيد أشكالاً أدبية لم ينظر إليها من قبل على أنها كتابة قصصية. وكان منطلق كُتاب القصة ونقادهم في العقدين الأخيرين هو انشغالهم بعلم تشكل الحكاية ونظرية القصة، وصلاتها بنظرية الرواية، وعلاقة ذلك كله بالأدبية والشعرية. وإذا كانت كتابات بروب والشكلانيين الروس والبنيويين وقد لعبت دوراً كبيراً في تدعيم أبحاث السرد، فإن التجربة القصصية نفسها وقفت في الستينات عند مفترق طرق إزاء التقليدية والحداثة التقليدية التي تتلقف تقنيات القص الغربي فالقصة تتشكل أولاً من حكائية "وتنام" للحوافز وتنظيم للأغراض، أما الأدبية أو الشعرية فليست بناء محدداً، فالشعر يدخل في تركيب القصة، وهناك قصة شعرية منظومة أو صيغت بإيقاع الشعر. ثم يأتي بعد ذلك الطول والقصر، والتاريخية، الفعلية (الدرامية) والحبكة، والوصف الوظيفي وغير الوظيفي والخاتمة المفتوحة أو المغلقة أو المعدومة.. الخ... وغني عن القول، إن الشعر كان متداخلاً مع القصة بأشكالها المختلفة في التراث العربي، بل إن شعراء عرباً قدامى معروفين قد صاغوا قصصاً شعرية كثيرة كعنترة بن شداد وامرئ القيس وزهير بن أبي سلمى والنابغة والحطيئة وجميل بثينة وعمر بن أبي ربيعة و أبي نواس والبحتري وغيرهم، ويضاف إلى ذلك أن التقاليد الأدبية العربية لم تقصر القصة على النثر والشعر في القصة، وكان هذا جلياً في الانبعاث الحضاري والنهوض الأدبي في مرحلة النشوء والتخلق في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وهناك عشرات الأعمال القصصية التي كتبت شعراً في مجال القصص الوعظية أولاً، وفي موضوعات القصة المختلفة ثانياً، وفي الاتجاهات الفنية المختلفة كالواقعية والرومانسية والرمزية ثالثاً، وفي عمود الشعر التقليدي وأشكال التجديد التي لحقته فيما سمي الشعر الحر أو قصيدة النثر. ويستفاد من الإقرار بحقية الاتساع في كتابة القصة الشعرية في الأدب العربي الحديث أن التقاليد الأدبية العربية مازالت معطى إبداعياً وقومياً قابلاً للاستمرار والتطوير، وأن الموروث السردي العربي ذو خصوصية في الشغل القصصي العربي الحديث.‏

لقد كانت استعادة الموروث السردي الأدبي من أوسع عمليات تحديث القصة العربية وتأصيلها في الوقت نفسه، فجرى استعمال تقنيات السرد الجاحظي والتوحيدي والأصفهاني وسواهم، في التركيز على بناء الأحدوثة إيجازاً أو استطراداً في تركيب وحدات قصصية منفصلة أو متصلة بالوحدة العضوية لبنية القص، قصة قصيرة أو رواية.‏

وقد ولج هذا الباب بقوة في منتصف الستينات إميل حبيبي في (سداسية الأيام الستة)، ونماه وطوره في أعماله التالية: "الوقائع الغربية في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل".‏

و"لكع بن لكع"، و"اخطية"(15)، والمتأمل الشكل القصصي في هذه النصوص، يلاحظ استعادتها القصوى للموروث السردي العربي القديم، في إيجازه حيناً أو استرساله الإنشائي حيناً آخر، وفي تقاطعه بمواد غير سردية كالشعر والشعر العربي والأمثال والتضمين الجزئي أو الكامل لأقوال وماثورات خطابية مباشرة وغير مباشرة، كما أن حبيبي يوغل في الحوارية أو مسرحة القصة في "لكع بن لكع"، التي تعد مسرحية بشكل من الأشكال ولو أ نها ـ برأيي ـ أميل للصيغة الوحدانية الحوارية في تنامي فعلية داخلية تغلب صوت الوجدان في رؤية حركة الواقع الخارجي.(16).‏

أما لجوء حبيبي إلى الشعر كما هو الحال مع استهلاك لوحات "سداسية الأيام الستة"، وافتتاحيات كتب "الوقائع الغربية..."، والاقتباسات على طريقة المفاتيح لقراءة جلسات "لكع بن لكع"، والاقتباسات المماثلة لقراءة دفاتر "اخطية"، فهو يحمل بعض الإجابة على محاولة القاص العربي الحديث لإدغام الشعر في بناء القصة، مثلما هو كامن في رؤيتها للعالم. ومن الملاحظ، أن حبيبي لا يفرق في تضمينه الشعري بين شعر قديم أو حديث، بين شعر رسمي أو شعبي، ثم مايلبي حبيبي أن يدغم الشعر بالتضمين النثري، المجزوء أو الكامل، إلى جانب الشعر، وفي ثنايا النصوص، حتى ليدهش المرء لهذا الولع في إدغام التأليف القصصي بالتضمين الواسع للموروث السردي الأدبي العربي وغير السردي أيضاً بما يجعل هذه المواد غير السردية أدخل في نسيج الحكاية، أي عنصراً سردياً بعد ذلك.‏

لقد اتفق بعض النقاد على تسمية استخدام السرد الأدبي الموروث "جامع الأنواع"(17)، نتيجة تداخل أشكال الكتابة وأنواعها، ولكن هذه التسمية لا توافي المطلوب، فيما يجري تماماً هو كتابة قصصية لا تنسخ نوعاً غربياً، ولا تعيد نوعاً عربياً بل تستعيد السرد الأدبي وتبني منه القصة الجديدة. ويقول حبيبي: "وإذا أردت أن أشدد على ناحية أو مصدر أدبي، فإنني أقول: إنني تأثرت كثيراً بالمقامات، والأدب الهزلي والكلاسيكي العربي، أدب الكشاكيل، وكتبت مقامات في (الجديد)، وتوقفت لأنني لم أستطع أن أتابع. أنا عندما أكتب أعمل كثيراً في القواميس القديمة، قاموس الفيروز ابادي، وبعض الكتب (كالعقد الفريد)، كما أنني أشعر بأن الجاحظ يشجعني على اختراع الكلمات".(18)، لا يسمي حبيبي أجزاء كتبه القصصية فصولاً، بل يستعيد لها مصطلحات السرد الأدبي كاللوحة والكتاب والجلسة والدفتر، ويمزج بين سرد الوقائع والرسائل واليوميات والوصف الوظيفي والأشعار وتقاليد القصة الشطارية والحكايات العربية الساخرة والهزلية. ثم يتلاعب تخييله السردي إيهاماً أو تماهياً أو كسراً للإيهام أو إلغاء البنية الحكائية.‏

ولاشك، أن استخدام حبيبي للموروث السردي الأدبي العربي مثير يكشف عن غنى هذا الموروث السردي وأهميته الراهنة في تحديث التقنيات القصصية، ففي مجال كسر الإيهام أو تقنية التدخلات الساخرة على سياق الوحدات السردية لاحظ النقاد أن حبيبي من خلال استخدامه الواسع للموروث السردي العربي، قد صاغ بنجاح عدة مستويات حكائية تنفع في تعدد المنظورات القصصية، وإغناء المعالجة الموضوعية، ضمانة التقليد الحكائي القومي الذي يسهم إسهاماً كبيراً وفاعلاً في القراءة وتثمير القصد، وذكر سعيد علوش، على سبيل المثال لدى معالجته لهذا الأمر، من هذه المستويات مستوى حكاية الحكاية ومستوى القصة في القصة، ومستوى تنويع الضمائر، ومستوى تداخل الأزمنة، وهذه كلها تبنى من جديد في تركيب قصصي خاص، من خلال استعادة مبدعة للموروث السردي الأدبي العربي في وعي اللحظة الحضارية الراهنة(19).‏

ثم دخلت تقنيات السرد الأدبي الموروث في أعمال قصاصين كثر، فخيري الذهبي على سبيل المثال في روايته "حسيبة"، يمازج بفطنة بين السرد الجاحظي وتقنية الاستدارة في الوحدة العضوية للقصة، حين يفكك بنية روايته، ويقصها قصصاً مجزوءة أو ناقصة ما تلبث أن تكتمل في إطار الرؤية العامة. وتعد "من حكايات هذا الزمان"، تطويراً للسرد الأدبي الموروث في إطلاق الحادثة المفردة وربطها إلى مجموعة الحوادث على عادة الاستطراد الجاحظي والتمثيل التوحيدي في شقشقة الكلام والتدليل عليه بالحكاية واعتماد غرضه من داخله.‏

وكما رأى الناقد سمير العيادي: "فالحكاية إلى الملكية الجماعية أقرب، وإلى العقلية اللا ظرفية أميل. لذلك لا يحدها زمان، ولأنها راحلة في الزمن، فهي مسبر بنيان تراكبت طبقاته ـ لنسمه تراثاً ـ انطلاقاً من فكرة أساسية طغت أو نبتت فظهرت في "هذا الزمان"(20)، لقد أصبح الإطار السردي سبيلاً إلى سرد قصصي حديث ورؤية حديثة لا تفصل عنه.‏

الحواشي:‏

(1) ـ العجيلي، عبد السلام، عيادة في الريف ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1977.‏

(2) ـ انظر:‏

فكرة القصةـ مصدر سابق ـ ص 68.‏

أما مجموعاته القصصية التي جرى الاستشهاد بها فهي:‏

ـ مع الناس ـ دار القلم ـ بيروت ـ 1952.‏

ـ تلك الأيام ـ اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1977.‏

ـ المطارد ـ وزارة الثقافة والإرشاد القومي ـ دمشق 1981.‏

(3) ـ بالنسبة للقصة اليابانية، ظهرت لأول مرة الترجمات التالية:‏

ـ تاتيزاكي، جونيشيرو: الشقيقات الأربع (الشقيقات ماكيوكا).‏

ترجمة محمود عزت موسى ـ وزارة الثقافة والإرشاد القومي ـ القاهرة 1964.‏

ـ دازاي، اسامو: الشمس الغاربة ـ ترجمة: فائز بشور، وزارة الثقافة والإرشاد القومي ـ دمشق 1965.‏

ـ فوكازاو، شيتشيرو: نار اياما أو جبل السنديان ـ ترجمة: أنور كوزاك ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1973.‏

ولكن الثمانينات شهدت أوسع حركة لتعريب القصة اليابانية، فترجمت الأعمال التالية على سبيل المثال لا الحصر:‏

ـ سوسكي، ناتسومي: كوكورو ـ ترجمة عبد الواحد محمد ـ دار المأمون ـ بغداد 1988.‏

ـ أوي، كنز ابورو: مسألة شخصية ـ ترجمة وديع سعادة ـ مؤسسة الأبحاث العربية ـ بيروت 1985.‏

ـ كاواباتا، ياسوناري: ضجيج الجبل ـ ترجمة صبحي حديدي ـ دار التنوير ـ بيروت 1983.‏

ـ اندو، شوساكو: البحر والسم ـ ترجمة كامل يوسف حسين ـ دار التنوير ـ بيروت 1985.‏

ـ ميشيما، يوكيو: اعترافات قناع ـ ترجمة أسامة الغزولي ـ دار التنوير ـ بيروت 1983.‏

ـ كاواباتا، ياسوناري: البحيرة ـ ترجمة عبد الرزاق جعفر ـ دار التنوير ـ بيروت 1980.‏

ـ ميشيما، يوكيو: رباعية بحر الغضب ـ ترجمة: يوسف كامل حسين ـ دار الآداب ـ بيروت 1990.‏

ـ أوي، كنز ابورو: علمنا أن نتجاوز جنوننا ـ ترجمة: يوسف كامل حسين ـ دار الآداب ـ بيروت 1988.‏

ـ آبي، كوبو: المرآة في الرمال ـ موعد سري ـ ترجمة يوسف كامل حسين ـ دار الآداب ـ بيروت 1989.‏

ـ عدد من المؤلفين: "مختارات من الأدب الياباني المعاصر": قصة ـ مسرحية ـ ترجمة: عبد الكريم ناصيف ـ وزارة الثقافة والإرشاد القومي ـ دمشق 1983..‏

ـ عدد من المؤلفين: مختارات من الأدب الياباني ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1988.‏

كما صدرت الترجمة التالية:‏

ـ يورسينار، مرجريت: ميشيما أو رؤيا الفراغ ـ دار التنوير ـ بيروت 1984.‏

كما صدر أيضاً عدد خاص بالأدب الياباني من مجلة "الآداب الأجنبية" ـ دمشق ـ انظر العدد 34 ـ السنة 10 ـ شتاء 1983 (ك2 ـ شباط ـ آذار).‏

(4) ـ وبالنسبة لقصص أمريكا اللاتينية، صدرت أيضاً عشرات القصص، بل غالبية قصص وروايات غابرييل غارسيا ماركيز وميفيل انجل استورياس واليخوكار بنتيه وخوان رولفو وخوليو كورثازار وماريو فارغاس لوسا قد ترجمت إلى العربية في الثمانينات، وترجم بعضها عدة ترجمات.‏

كما ظهرت الكتب التالية عن أدب أمريكا اللاتينية.‏

ـ برذرستون، غوردون: نشأة الرواية في أمريكا اللاتينية ـ ترجمة: د.سميرة بريك ـ وزارة الثقافة والإرشاد القومي ـ دمشق 1984.‏

ـ غالفر، ر.ب: أدب أمريكا اللاتينية الحديث ـ ترجمة محمد جعفر داود ـ وزارة الثقافة والإعلام بغداد (ط2)، 1986.‏

ـ مورينو، سيزار فرديناند (تنسيق وتقديم): أدب أمريكا اللاتينية ـ قضايا ومشكلات ـ قسمان ـ ترجمة أحمد حسان عبد الواحد ـ سلسلة "عالم المعرفة"ـ الكويت العددان 16 ـ 122، 1988 ـ 1989.‏

ومن المفيد أن نشير، في إطار العناية الفائقة بقصاصي أمريكا اللاتينية، أن كتباً مكرسة للحوار مع ماركيز قد ترجمت إلى العربية، وبعضها قبل نيله جائزة نوبل للآداب عام 1982.‏

ونذكر من هذه الكتب:‏

1ًـ براسو، ميفيل فرنانديز: عزلة غابرييل غارسيا ماركيز ـ ترجمة: ناديا ظافر شعبان ـ دار الكلمة للنشر ـ بيروت 1981.‏

2ًـ حوار مندوزا ـ ماركيز: رحيق الفوايابه، وصدر تحت عنوان: غابرييل غارسيا ماركيز رائد الواقعية السحرية ـ ترجمة وتقديم: د.عبد الله حمادي ـ المؤسسة الوطنية للكتاب ـ الجزائر 1983.‏

3ًـ حوار بلينيو ميندوزا: أحاديث مع غابرييل ماركيز ـ ترجمة: إبراهيم وطفي (وهو الكتاب السابق نفسه مع إضافات) ـ دار طلاس ـ دمشق 1986.‏

4ًـ عيد، حسين: غارسيا ماركيز وأفول الديكتاتورية ـ دراسة في رواية "خريف البطريرك"، الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1988.‏

(5) ـ انظر:‏

ـ خان، حميدو: المغامرة المعقدة ـ ترجمة محرم بسيم وتقديم فنسان مونتيي ـ سلسلة "روايات مختارة" ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1975.‏

ـ الخطيب، محمد كامل: المغامرة المعقدة ـ مقدمة في تاريخ العلاقة بين المجتمع العربي والغرب كما يظهرها الفن الروائي في نشوئه وتطوره ـ وزارة الثقافة والإرشاد القومي ـ دمشق 1976.‏

ومن اللافت للنظر أن الخطيب، وقد استرشد بكتاب حميدو خان، اقتصر على كتاب القصة المشرقيين باستثناء إشارته لرواية "نجمة" لكاتب ياسين، وأغفل قصاصين مغاربة عالجوا المسألة نفسها كالطاهر بن جلون وإدريس الشرايبي على سبيل المثال.‏

(6) ـ انظر:‏

ـ نافعة د.حسن: العرب واليونسكو ـ سلسلة "عالم المعرفة" ـ الكويت ـ العدد 135 ـ آذار 1989 ـ ص 10 ـ 11 ص 144 ـ 145.‏

ومما يجدر ذكره أن الولايات المتحدة انسحبت من اليونسكو أواخر عام 1984، وتبعتها المملكة المتحدة أواخر عام 1986.‏

(7) ـ قباني، رنا: أساطير أوروبا عن الشرق ـ لفق تسد ـ (ترجمة: د.صباح قباني) ـ دار طلاس ـ دمشق 1988 ـ ص 7 ـ 11 ـ 30 ـ 31.‏

وكان الكتاب صدر عام 1986 عن دار "ماكميلان "البريطانية وعن دار "انديانا يونفر سيتي برس" الأمريكية، تحت عنوان:‏

“Europe’s Myths of Orient. Devise and Rule”‏

( ـ التراث والحداثة ـ مصدر سابق ـ ص 11.‏

(9) ـ الأدب العربي وتحديات الحداثة ـ مصدر سابق. ص 17 ـ 18.‏

(10) ـ دراج، د.فيصل: حوار مع عبد الرحمن منيف: الواقع والمثقف والرواية ـ في مجلة "النهج" ـ دمشق ـ العدد 18 السنة 5 ـ 1988 ـ ص 236 ـ 237.‏

(11) ـ الأدب العربي وتحديات الحداثة ـ مصدر سابق ـ ص 29 ـ 31.‏

(12) ـ كيليطو، عبد الفتاح: زعموا أن... ملاحظات حول كليلة ودمنة بين الرواية والسرد الكلاسيكي في كتاب "دراسات في القصة العربية"، مصدر سابق ص 191.‏

(13) ـ انظر بحثنا إلى الملتقى الثاني للإبداع:‏

سيرورة التقاليد الأدبية في القصة العربية الحديثة ـ في "الوحدة"، ـ الرباط ـ العدد 58 ـ 59، ص 79 ـ 84. وانظر على سبيل المثال نموذجاً للنقد الجديد حول القصة العربية الحديثة وفق هذا المفهوم:‏

ـ حرب، أحمد: البنائية الفنية: "سداسية الأيام الستة"، ليست قصصاً ولا رواية. في "الناقد" ـ لندن ـ السنة 2 ـ العدد 16 تشرين الثاني 1989 ـ ص 68 ـ 72.‏

(14) ـ مريدن، عزيزة: القصة الشعرية في العصر الحديث ـ دار الفكر ـ دمشق 1984.‏

(15) ـ انظر:‏

ـ سداسية الأيام الستة ـ "روايات الهلال" ـ العدد 146 حزيران 1969 ـ ص 67 ـ 234. (فقد نشرت لأول مرة مع رواية فيركور المترجمة: صمت البحر).‏

ـ الوقائع الغربية في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل ـ دار ابن خلدون ـ بيروت 1974.‏

ـ لكع بن لكع ـ ثلاث جلسات أمام صندوق العجب ـ حكاية مسرحية ـ دار الفارابي 1980.‏

ـ اخطية ـ في مجلة "الكرمل" ـ نيقوسيا ـ العدد 15 ـ 1985 ـ ص 6 ـ 66.‏

(16) ـ أبو هيف، عبد الله: الإنجاز والمعاناة ـ حاضر المسرح العربي في سورية ـ اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق ـ 1989 ـ ص 259 ـ 265.‏

(17) ـ جينيت، جيرار: مدخل لجامع النص (ترجمة: عبد الرحمن أيوب) ـ دار توبقال للنشر ـ الدار البيضاء 1985.‏

وانظر أيضاً:‏

ـ طودروف، تزفيتان: الشعرية ـ (ترجمة: شكري المبخوت ورجاء بن سلامة) ـ دار توبقال للنشر ـ الدار البيضاء ـ 1987.‏

(18) ـ "الكرمل" ـ نيقوسيا ـ العدد 14 ـ 1981 ـ ص 183.‏

(19) ـ علوش، سعيد: عنف المتخيل الروائي في أعمال أميل حبيبي ـ مركز الإنماء القومي ـ بيروت 1988 ـ ص 85 ـ 96.‏

(20) ـ العيادي، سمير: حكاية المدني مع حكايات هذا الزمان.‏

وهي في مقدمة كتاب "حكايات من هذا الزمان" ـ سلسلة "عيون المعاصرة" دار الجنوب للنشر ـ تونس 1982 ـ ص 11.‏






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
استعادة الموروث السّردي الأدبي في القصّة العَربيّة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
رنيم الحب :: القسم الادبي :: القصص القصيرة-
انتقل الى: